أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

منزلة الشهداء وفضل التضحية في سبيل الوطن ، خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير

منزلة الشهداء وفضل التضحية في سبيل الوطن خطبة الجمعة القادمة للدكتور خالد بدير ، بتاريخ 5 صفر 1441 هـ ، الموافق 4 أكتوبر 2019.

 

 

لتحميل خطبة بعنوان : منزلة الشهداء وفضل التضحية في سبيل الوطن ، للدكتور خالد بدير ، وعناصرها:

لتحميل خطبة بعنوان : منزلة الشهداء وفضل التضحية في سبيل الوطن ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة بعنوان : منزلة الشهداء وفضل التضحية في سبيل الوطن ، للدكتور خالد بدير ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

ولقراءة خطبة بعنوان : منزلة الشهداء وفضل التضحية في سبيل الوطن ، للدكتور خالد بدير : كما يلي:

 

عناصر خطبة بعنوان : منزلة الشهداء وفضل التضحية في سبيل الوطن، للدكتور خالد بدير  :

 

خطبة بعنوان: منزلة الشهداء وفضل التضحية في سبيل الوطن

عناصر الخطبة:

 

العنصر الأول: فضل الشهادة في سبيل الله والحث على طلبها

 

العنصر الثاني: فضل التضحية في سبيل الوطن

 

العنصر الثالث: كرامات ومنازل الشهداء عند الله

 

   المقدمة:                                           

                 أما بعد:

 

منزلة الشهداء وفضل التضحية في سبيل الوطن:

 

أيها المسلمون:

في هذه الأيام الخالدة المباركة نعيش ذكرى عزيزة علينا ؛ ألا وهي ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة ؛ وبهذه المناسبة نقف مع حضراتكم في هذا اللقاء مع فضل الشهادة ومكانة شهدائنا الأبرار عند الله تعالى ؛ وذلك من خلال العناصر الثلاثة التالية:

العنصر الأول: فضل الشهادة في سبيل الله والحث على طلبها

عباد الله:

إن لذة الشهادة في سبيل الله لا يحصرها قلم، ولا يصفها لسان، ولا يحيط بها بيان، وهي الصفقة الرابحة بين العبد وربه؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ }[التوبة:111]؛ تأملوا هذه الآية العظيمة التي فيها شراء، وفيها صفقةٌ عظيمة، يقول الإمام ابن القيم :” المشتري هو الله، والمتفضل هو الله، والمنعم هو الله؛ خلق هذه النفس من العدم وأطعمها وسقاها وكفاها وآواها، ودفع عنها النقم، وأسبل عليها وابل النعم، ثم هو جل وعلا يشتريها من صاحبها ويبذل له عوضاً وثمناً ألا وهو الجنة؛ فيها مالا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر . ” أ.ه

فإذا كان الثمن الجنة، فإنه لا يجتهد في هذه الصفقة أو أن يكون ممن يبتاعها إلا واحدٌ ممن عرف الثمن والعوض.

أيها الإخوة المؤمنون:

هذا فضلٌ من الله، والله دعانا أن نستبشر بقوله:{فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ} [التوبة:111] أي: اضمنوا أنها صفقةٌ رابحةٌ لا تَندُّم بعدها، فلو أن أحداً اشترى بضاعةً أو عقاراً أو داراً، ثم عاد وخلا بنفسه وأخذ يقلب الحال، هل غُبن في هذه الصفقة؟ وهل اشتراها بأكثر من قيمتها؟ أما هذه فهي صفقةٌ مربحةٌ رابحة: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:111].

ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يتمنون الشهادة في سبيله لما لها من هذه المكانة العظيمة:

فهذا حنظلة تزوج حديثاً وقد جامع امرأته في الوقت الذي دعا فيه الداعي للجهاد فيخرج وهو مجنبٌ ليسقط شهيداً في سبيل الله، ليراه النبي بيد الملائكة تغسله ليسمى بغسيل الملائكة.

( ابن حبان الحاكم وصححه) .

وهذا مثال آخر لطلب الشهادة، ففي غزوة بدر ، قالَ صلى الله عليه وسلم لأصحابِهِ :

” قوموا إلى جنَّةٍ عرضُها السَّمَواتُ والأرضُ، فقالَ عميرُ بنُ الحمامِ الأنصاريُّ: يا رسولَ اللهِ، جنَّةٌ عرضُها السَّمواتُ والأرضُ؟ قال: نعَم ، قال: بخٍ بخٍ ، فقالَ رسولُ اللهِ وما يحملُكَ علَى قولِ بخٍ بخٍ؟ قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ، إلَّا رجاءَ أن أَكونَ من أَهلِها ؟ قال: فإنَّكَ من أَهلِها . . . فأخرجَ تمراتٍ من قرنِهِ، فجعلَ يأْكلُ منْهنَّ. ثمَّ قال: لئِن أنا حييتُ حتَّى آكلَ تمراتي هذِهِ إنَّها حياةٌ طويلةٌ ، فرمى ما كانَ معَهُ منَ التَّمرِ ثم قاتَلَهم حتَّى قُتلَ َ ” ( مسلم ).

وهذا أَنَسَ بْنَ النَّضْرِ تَغَيَّبَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ وَقَالَ:

تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ قِتَالًا لَيَرَيَنَّ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – وَأَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَقُولُ: أَيْنَ؟! أَيْنَ؟! فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ قَالَ: فَحَمَلَ فَقَاتَلَ , فقُتِلَ فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَطَقْتُ ما أطاق فقالت أخته: والله ما عرفت أَخِي إِلَّا بِحُسْنِ بَنَانِهِ فَوُجِدَ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً ضَرْبَةُ سَيْفٍ وَرَمْيَةُ سَهْمٍ وَطَعْنَةُ رُمْحٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] (صحيح ابن حبان ).

وإذا كان الله أنعم عليك بالصحة فهذا مثال لصحابي أعرج:

رخص له في عدم الخروج ومع ذلك خرج لطلب الشهادة، ألا وهو عمرو بن الجموح رضي الله عنه كان شيخاً من الأنصار أعرج، فلما خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى غزوة بدر قال لبنيه : أخرجوني ( أي للقتال ) فذُكر للنبي – صلى الله عليه وسلم – عرجه ، فأذن له في البقاء وعدم الخروج للقتال ، فلما كان يوم أحد خرج الناس للجهاد ، فقال لبنيه أخرجوني !! فقالوا له :

قد رخص لك رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في عدم الخروج للقتال ، فقال لهم هيهات هيهات !! منعتموني الجنة يوم بدر والآن تمنعونيها يوم أحد !! فأبى إلا الخروج للقتال ، فأخرجه أبناؤه معهم ، فجَاءَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ الْيَوْمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ:(نَعَمْ) قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا أرجعُ إِلَى أَهْلِي حَتَّى أَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا عَمْرُو! لَا تَألَّ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : ” مَهْلًا يَا عُمَرُ! فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَّره، مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ يَخُوضُ فِي الجنة بعرجته” (صحيح ابن حبان ) .

أيها الأحبة في الله! ليكن لكم القدوة في نبيكم صلى الله عليه وسلم، ونظرا لأن فضل الشهادة عظيم فقد تمنى الشهادة مقسما فقال: ” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ.” ( متفق عليه ). قال ابن بطال:” فيه فضل الشهادة على سائر أعمال البر لأنه  – صلى الله عليه وسلم –  تمناها دون غيرها، وذلك لرفيع درجتها، وكرامة أهلها لأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وذلك والله أعلم لسماحة أنفسهم ببذل مهجتهم فى مرضاة الله وإعزاز دينه، ومحاربة من حاده وعاداه، فجازاهم بأن عوضهم من فقد حياة الدنيا الفانية الحياة الدائمة فى الدار الباقية، فكانت المجازاة من حسن الطاعة.”أ.ه

وروى البخاري في صحيحه واللفظ له ، ومسلم في الصحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

  ” مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلَّا الشَّهِيدَ؛ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ؛ فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى. “، وأخرج البخاري من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَلَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنْ الْكَرَامَةِ .”

ولذلك تمنى عبدالله – والد جابر رضي الله عنهما والذي استشهد في غزوة أحد – الرجوع إلى الدنيا ليقتل في سبيل الله مرة أخرى؛ لما يراه من النعيم! فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ : ” لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ يَوْمَ أُحُدٍ ، لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا جَابِرُ ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ؟ قَالَ :

يَا رَسُولَ اللهِ ، اسْتُشْهِدَ أَبِي ، وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا ، قَالَ : أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ: مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، وَكَلَّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا ، فَقَالَ: يَا عَبْدِي ، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ ، قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي ، فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً ، فَقَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يَرْجِعُونَ، قَالَ: يَا رَبِّ ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}.( ابن ماجة والترمذي وحسنه).

فينبغي أن تسأل الله الشهادة وتضحي بنفسك وأهلك من أجل الله:

وتتمني الشهادة بصدق وبنية خالصة؛ فعن سهل بن حنيف-رضي الله عنه- قال:

– صلى الله عليه وسلم – ” مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ ؛ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ ؛ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ” ( مسلم )، يقول الإمام النووي:” معناه: أنه إذا سأل الشهادة بصدق أعطي من ثواب الشهداء، وإن كان على فراشه . وفيه: استحباب سؤال الشهادة، واستحباب نية الخير . “.

(شرح مسلم ).

لذلك كان عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ يقول في دعائه :

” اللهمَّ ارزقْنِي شهادَةً في سبيلِكَ ، واجعلْ موتِي في بلَدِ رسولِكَ – صلى الله عليه وسلم -.” ( البخاري )، وفي رواية للطبراني عن حفصة قالت : سمعت عمر يقول :” اللهم قتلا في سبيلك ووفاة ببلد نبيك . قالت فقلت : وأنى يكون هذا ؟ قال: يأتي به الله إذا شاء “. وفي فتح الباري:” عن عوف بن مالك أنه رأى رؤيا فيها أن عمر شهيد مستشهد، فقال لما قصها عليه أنى لي بالشهادة وأنا بين ظهراني جزيرة العرب لست أغزو والناس حولي ثم قال: بلى يأتي بها الله إن شاء “. واستجاب الله دعاءه ورزقه الله الشهادة ودفن بجوار المصطفي -صلى الله عليه وسلم -.

فنسأل الله أن يكتب لنا الشهادة في سبيله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .

العنصر الثاني: فضل التضحية في سبيل الوطن

أيها المسلمون:

كثير من الناس يعتقد أن الشهادة تقتصر على الموت في محاربة الكفار فقط ، ولكن شهداء أمة محمد – صلى الله عليه وسلم-  كثيرون، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي – صلى الله عليه وسلم-  قال: الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ؛ وَالْمَبْطُونُ؛ وَالْغَرِيقُ؛ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ؛ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ “.

 وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا لأَصْحَابِهِ:

مَا تَعُدُّونَ الشُّهَدَاءَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: مَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ شَهِيدٌ، قَالَ: إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذَنْ لَقَلِيلٌ: الْمَقْتُولُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْءُ يَمُوتُ عَلَى فِرَاشِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَاللديغُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ، وَالشريقُ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَفْتَرِسُهُ السَّبُعُ شَهِيدٌ، وَالْخَارُّ عَنْ دَابَّتِهِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالنُّفَسَاءُ يَقْتُلُهَا وَلَدُهَا يَجُرُّهَا بِسَرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ”.(ابن حبان والطبراني واللفظ له) ؛ والمبطون كما يقول  النووي : ” هو صاحب داء البطن. وقيل: هو الذي يموت بداء بطنه مطلقًا. وقوله:

المرأة تموت بجمع شهيد.

  أي تموت وفي بطنها ولد، لأنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل وهو الحمل”. (شرح النووي)

 

هذا وخصال الشهادة أكثر من هذه السبع، قال الحافظ ابن حجر:

” وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة..  وذكر منهم: اللديغ، والشريق، والذي يفترسه السبع، والخار عن دابته، والمائد في البحر الذي يصيبه القيء، ومن تردى من رؤوس الجبال. قال النووي: وإنما كانت هذه الموتات شهادة يتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها. قال ابن التين: هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله على أمة محمد – صلى الله عليه وسلم-   بأن جعلها تمحيصًا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء”.( فتح الباري).

ويدخل في ذلك الدفاع عن الأهل والمال ؛ والتضحية في سبيل الوطن . فعن سعيد بن زيد قال– صلى الله عليه وسلم-  :

“مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ”( الترمذي وحسنه).

 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :

” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي ؟ قَالَ : فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي ؟ قَالَ : قَاتِلْهُ ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي ؟ قَالَ :

فَأَنْتَ شَهِيدٌ ، قَالَ : أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ ؟ قَالَ : هُوَ فِي النَّارِ “. ( مسلم )

ويدخل في ذلك أيضا الجنود المرابطون الذين يسهرون ليلهم في حراسة هذا الوطن والدفاع عنه ؛ والتضحية من أجله ؛ وحماية منشآته؛ الذين تجتاحهم يد الغدر والخيانة بين الفينة والأخرى؛ وقد ذكرهم الرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله:” عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ؛ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” ( البيهقي والترمذي وحسنه ) . فكل من مات مضحياً ومدافعاً عن وطنه وهو صابر ومحتسب وموحد فإننا نرجو له الحصول على أجر الشهادة، فرحمة الله واسعة وفضله عظيم .

العنصر الثالث: كرامات ومنازل الشهداء عند الله

عباد الله:

أسوق لكم ولكل شهيد على أرض الوطن عدة فضائل وكرامات خص الله بها الشهداء الأبرار، والتي يتمني كل واحد منا الشهادة على أثرها؛ كما تمنى ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام!!

إن ثمرات الشهادة وكرامات الشهداء كثيرة في الدنيا والآخرة، وقد جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بعضاً منها في حديثه النبوي الشريف؛ فعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ :” لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ سِتُّ خِصَالٍ : يَغْفِرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الإِيمَانِ ، وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ.”. (أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه).

ومن هذه الفضائل والكرامات: الحياة بعد الاستشهاد مباشرة :

 قال تعالى:

{ وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ} ( البقرة: 154).

وقال تعالى:

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } ( آل عمران : 169 ) . وهذه هي صفة الحياة الأولى فهم أحياء أولاً بهذا الاعتبار الواقعي في دنيا الناس، ثم هم أحياء عند ربهم باعتبار آخر لا ندري عن كنهه، وحسبنا إخبار الله تعالى به ( أحياء ولكن لا تشعرون ) لأن كنه هذه الحياة فوق إدراكنا البشرى القاصر المحدود لكنهم أحياء، ومن ثم لا يغسلون كما يغسل الموتى، ويكفنون في ثيابهم التي استشهدوا فيها فالغسل تطهير للجسد ؛ وهم أطهار بما فيهم من حياة، وثيابهم في الأرض ثيابهم في القبر لأنهم بعد أحياء .

والحياة ليست قاصرة على الروح فقط ؛ بل تشمل حياة الأجساد وحفظها من التآكل والعفن؛ فقد روى مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ( أنه بلغه أن عمرو بن الجموح ، وعبد الله بن عمرو الأنصاريين ثم السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما ، وكان قبرهما مما يلي السيل وكانا في قبر واحد ، وهما ممن استشهد يوم أحد فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس ، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت ، وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة ) . وروى الذهبي أن ( أبا طلحة رضي الله عنه غزا في البحر فمات ، فطلبوا جزيرة يدفنونه فيها فلم يقدروا عليها إلا بعد سبعة أيام وما تغير ).

ومنها: أن من يكلم في سبيل الله يأتي يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك : 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

” وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ؛ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ.

” (البخاري).

ومنها: أن الشهيد في الفردوس الأعلى :

 فقد أخرج البخاري في ( الصحيح ) أن أم حارثه أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:

” يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ؛ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ. قَالَ: يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ؛ وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى.”

بل إن الشهيد هو أول من يدخل الجنة؛ روى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم:” عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة، وأول ثلاثة يدخلون النار، فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه، ونصح لسيده، وعفيف متعفف ذو عيال. .”الحديث (وقال: حديث حسن).

ومنها: أن الملائكة تظل الشهيد بأجنحتها :

فعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:

” جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ وَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ فَنَهَانِي قَوْمِي؛ فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ فَقِيلَ: ابْنَةُ عَمْرٍو أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو؛ فَقَالَ: لِمَ تَبْكِي أَوْ لَا تَبْكِي؛ مَا زَالَتْ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا.” ( البخاري ومسلم) .

ومنها : أن الشهداء لا يفتنون في القبور : 

تقدم حديث المقدام بن معدي كرب وفيه ” ويجار من عذاب القبر .”، وأخرج الحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عن هذه الآية :  { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}، من الذين لم يشأ الله أن يصعقهم ؟ قال : هم شهداء الله ” ، ( وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه) .

ومنها : أن الشهيد لا يشعر بألم القتل وسكرات الموت : 

روى الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسم :  ” ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة” (وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب) ، وكان علي يحض على القتال ويقول:

( إن لم تقتلوا تموتوا، والذي نفسي بيده لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش).

ومنها : أن أرواح الشهداء في جوف طير خضر : 

روى مسلم في صحيحه من حديث مسروق قال : سألنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن هذه الآية :

{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } . قال :

أما أنا قد سألنا عن ذلك فقال :

( أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ..  . الحديث.  قال ابن النحاس :

” جعل الله أرواح الشهداء في ألطف الأجساد وهو الطير ، الملون بألطف الألوان وهو الخضرة ، يأوي إلى ألطف الجمادات وهي القناديل المنورة والمفرحة في ظل عرش اللطيف الرحيم لتكمل لها لذة النعيم في جوار الرب الكريم ، فكيف يظن أنها محصورة ، كلا والله إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليشمر المشمرون وعليه فليجتهد المجاهدون. “.

هذه هى كرامات الشهداء وفضائلهم، ونسأل الله أن يرزقنا عيش السعداء، وميتة الشهداء، ومرافقة الأنبياء .

اللهم اجعل هذا البلد أمناً أماناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين ؛؛؛

    الدعاء……..                    

                                  وأقم الصلاة،،،،

 كتبه :

خادم الدعوة الإسلامية

 د / خالد بدير بدوي

 

______________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للمزيد عن أسئلة واختبارات وزارة الأوقاف

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »